تمر صناعة الصابون بعدة مراحل رئيسية وهي: الطبخ، والبسط، والتخطيط، والختم، والتقطيع، والتجفيف، والتغليف.
1- عملية الطبخ:
يوضع في الحلة الخمير، وهو محلول مركز من الصودا الكاوية بتركيز ثابت محدد وبكمية معلومة تقدر بثلث الحجم الكلي للطبخة، ثم توقد النار تحت الحلة حتى يغلي المحلول، ثم يصب الزيت على المحلول في الحلة (وتسمى هذه العملية "رد الزيت" ( في الماضي كانت علمية رد الزيت ممتعة؛ حيث ينقل الزيت من البئر بواسطة دلو خاص إلى جرة، ومنها إلى الحلة، ويرافق علمية النقل ذكر عدد النقلات بصوت مرتفع ترافقه الأهازيج والمدائح والعبارات الحكيمة؛ ويستمر العدد دون ملل) وتشعل النار في القمميم تحت الحلة، حيث يقوم "الرشاش" ( الرشاش هو عامل الرش) برمي الجفت على النار حتى يغلي الزيت ويتمدد ويرتفع في الحلة، وفي تلك الأثناء يتم التحريك بواسطة المخاضة، ويضاف قليل من ملح الطعام للمساعدة في زيادة تركيز محلول الصودا في الحلة.
وبعد ذلك ينفصل معظمه ويبقى في أسفل الحلة، ثم يتم استخلاص كمية من محلول الصودا الكاوية الساخنة من المبزل المعد لذلك ويوضع فوق برميل الصواد المفتوح وجهه والمخروم أسفلة والموضوع فوق حوض لاستيعاب الخمير؛ فيرتفع تركيز الخمير. عندها يقاس مدى تركيزه بميزان خاص بالكثافة النوعية للتعرف على كمية الصودا المستهلكة.
وبعد ذلك يقوم العمال برفع الخمير المركز من الحوض بواسطة دلو ذي يد متحركة، ويرش فوق الزيت بالحلة، وهذه تسمى "ردة"، ويحركه الطباخ الرئيسي بواسطة الدكشاب. وتكرر العملية حتى تضاف إلى الزيت نصف كمية الصودا المطلوبة تقريبًا. وبعد كل ردة؛ تقام النار (توقد) حتى ( يحشر الغلو)؛ أي يتقلب المخلوط في الحلة ويتغير من حالة الى حالة أخرى؛ وهذا يعني أن عملية الغلي كانت كاملة لكل موجودات الحلة.
إن زيادة نسبة الصودا أو نقصانها يسبب عيوبا في الصابون؛ فزيادتها تزيد من سرعة جفاف الصابون، وتسبب كسر أطرافه عند التقطيع، وتسبب تحوير الصابون؛ بسبب خروج الزائد من الصودا على سطح قطعة الصابون ؛ ما يضر بالأيدي والملابس عند الاستعمال؛ أما نقص الصودا فيؤدي إلى تأخير جفاف الصابون وضمور سطح القطع عند تمام التجفيف، كما يشعر من يستعمل الصابون بوجود رائحة زيتية غير مستحبة تدل على أن الصابون غير جيد.
المرحلة النهائية وهي إعطاء الصابون كمية من الماء مع التحريك والغلي "الشطفة". وهذه العملية ضرورية لإكساب الصابون ليونة معينة ولغسل الصابون من الصودا الزائدة والشوائب المتعلقة أصلا بالزيت. وهنا يصبح في الصابون بعض الماء يتم فصله بصب كمية من ماء الخمير. وتسمى هذه العملية (التمييعة)، ثم يحرك الصابون بالدكشاب ويغلى حتى ( يحشر العلو)، ويترك بعد ذلك لمدة تتراوح بين (10-15) ساعة فينفصل الماء الزائد ويترسب للأسفل، ويكون الصابون عائمًا فوق الماء في الحلة؛ لأن كثافته أقل ويصبح جاهزا للبسط.
2- عملية البسط:
وبعد ترك الصابون ليلة كاملة؛ تبدأ في فجر اليوم التالي عملية البسط؛ حيث يقوم عامل البسط بواسطة دلو خاص يملأه بالصابون اللزج ( الهلامي ) ويفرغه في علبة البسط ويكرر العملية حتى تمتلىء علبة البسط، فيحملها عامل آخر على كتفه وينقلها إلى الطابق السفلى الذي يسمى "المفرش" ( ويوجد عدة عمال لنقل علب البسط)، ثم يأخذها عامل آخر ويسكبها على أرض المفرش (المبسط)، بعد أن تكون أرض المفرش قد غطيت بورق رقيق حتى لا يلتصق الصابون بالأرض (قديما كانوا يفرشون الأرض بشيد بدل الورق) ، ثم يقوم رئيس العمل بتسوية سطح الصابون بالمالج وتقدير سمكه بالشوكة.
3- عملية التخطيط:
وبعد اكتمال علمية البسط؛ يترك الصابون حتى يجف؛ ويحتاج ذلك إلى عدة ساعات في الشتاء؛ ويوم كامل في الصيف. وبعد ذلك؛ يقوم عمال التقطيع بعملية بشر سطح الصابون حتى يصبح أملسًا، ثم يترك بعد ذلك لتحديد طول القطعة وعرضها على أطراف الفرشة باستعمال الزاوية والفرجار، ثم تغمر الدوبارة بمحلول أحمر يسمى "غمرة" لإظهار خطوط متوازية أفقية وعمودية.
4- عملية التختيم:
وبعد بسط الصابون تظهر أرض المفرش بيضاء عليها مربعات حمراء، فيقوم عامل بختم وسط المربعات باستعمال الخاتم المثبت على شاكوش خشبي يظهر ماركة الصابون؛ ويقوم عامل أو عاملان بختم كل مربع بختم مستقل. المهم أن الطبخة التي تبلغ 50000 قطعة صابون يستطيع عامل واحد ان يختمها خلال ساعة ونصف الى ساعتين، وذلك بواسطة ختمين يحملهما بيديه الاثنتين ويضرب بشكل منتظم (اليمين تضرب والشمال ترتفع، والعكس)، بشكل سريع جدًا، وهو يزحف على رجليه ويجلس القرفصاء.
5- عملية التقطيع:
وبعد عملية التختيم يقوم بتقطيع الصابون وذلك بغرز السكين في الخطوط الحمراء بسحب السكين حتى تكتمل علمية التقطيع طولا وعرضا.
6- عملية التجفيف:
ويترك الصابون على أرض المفرش لمدة يوم أو يومين، ثم يقوم عمال التقطيع برفع الصابون عن الأرض، ويرتب الصابون في أرض المفرش على شكل رصات يقال لها صوامع، كل صومعة تضم حوالي 24 قطعة. ثم تبدا عملية التشبيك بأشكال مخروطية ترتفع أكثر من ثلاثة أمتار تسمى "تنانير"؛ لتسهيل عملية التجفيف. ويترك الصابون لمدة شهر أو أكثر.
وفي الماضي؛ كان موسم تصنيع الصابون يبدأ مع بداية موسم الزيت ويستمر حتى شهر آذار كحد أقصى، ويبقى الصابون منشورا حتى يجف. ولا يبيع صاحب المصبنة أي قطعة حتى شهر تموز.
7- عملية التغليف:
لم يكن الصابون يغلف؛ بل بدأت عملية التغليف في الأربعينيات من هذا القرن؛ حيث تلف القطعة يدويًا بورق خاص رقيق عليه اسم وماركة صاحب المصبنة. وينجز العامل لف قطع الصابون بسرعة معدلها 800 قعطة بالساعة، والبعض يتجاوز 1000 قطعة. وتجري مسابقات سنوية بين عمال اللف.
وكان الصابون يوضع في صناديق خاصة تنقل إلى مصر والشام بواسطة القطار. وفي الأربعينات ومطلع الخمسينات؛ أعيد وضع الصابون في أكياس صغيرة من الخيش (الوزنات) أصبحت تزن 10كغم أو 15كغم أو 20 كغم.
وقد أـدخلت بعد التطورات الآلية عند بعض المصابن؛ فتحول التحريك بالدكشاب إلى التحريك بواسطة المحرك الكهربائي؛ كما أصبحت عملية نقل الزيت من الآبار تتم بواسطة مضخة كهربائية؛ وحل الوقود النفطي محل الجفت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق